LE DONATISME (4)
Page 1 sur 1
LE DONATISME (4)
من الغريب أن الوندال يدينون بالأريانية نسبة إلى مؤسسها الأمازيغي أريوس المولود ببرقة ليبيا سنة 256م، والمتوفى سنة 336 م، أي قبل تسعة عشر عاما من وفاة دونا، برقة في العهد الرماني كانت تسمى قورينا CYRENAIE•
ومن غير شك فإن تنسيقا ما كان قائما بين أريوس ودونا الأمازيغيين، هذا بالجزائر الحالية وذاك بليبيا الحالية تحت الاستعمار الروماني• تتفق الأريانية، أي الأريوسية، مع الدوناتية في الطبيعة الواحدة للمسيح، أي في نكران صفة الألوهية عن المسيح، ويرتبط المذهبان بمذهب الأنطاكية مذهب بولس الأنطاكي السميساطي الموحدة أيضا• وفي أثناء بعث الإسلام في القرن السابع الميلادي، كانت الأريوسية منتشرة بالشام وبشمال الجزيرة العربية، وفي مراسلة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهرقل، إمبراطور الرومان، ذكر سيد المرسلين الأريوسية• فالوندال الذين يدينون بمذاهب الأريانية، أي الأريوسية، وجدوا في مذهب الدوناتية نفس العقيدة الموحدة فتعاونوا معهم مذهبيا وحرروهم سياسيا من الاستعمار الروماني اللوتيفوندي•
وبالفعل فقد تحققت أماني الشعب الأمازيغي عندما استطاع في بداية العهد الوندالي استرداد أراضيه المسروقة وتصفية اللوتيفوندات، كما استطاع الدوناتيون ممارسة طقوسهم بحرية، واسترداد كنائسهم• يقول المؤرخ المصري السيد عبد العزيز السالم: ”انضم الدوناتيون باعتبارهم خصوما للكاثوليك إلى جانب الوندال، إذ اعتبروهم مخلّصين لهم من نير الرومان، ووجدوا في دخولهم البلاد سيفا مسلطا على خصومهم الذين أذاقوهم من صنوف الاضطهاد ألوانا ـ مثلما ورد في كتاب Cambridge medievial history ـ• كذلك لم يتردد البربر، الذين طالما عانوا من استبداد الرومان بهم وتعسفهم، في الانضمام إلى جانب الغزاة منذ اللحظة الأولى” (16)•
كتب ومؤلفات الدوناتية
كان الأب دونا هو الكاتب الكبير، الذي ألف كتابا مهما عنوانه ”الروح القدسية”، لكنه لم يصلنا بسبب حرق الكاثوليك تحت قيادة أوغستين لسائر الكتب الدوناتية، وقد ورد ذكر هذا الكتاب من بعض رجال الدين الكاثوليك• كما ورد من هؤلاء ذكر كتب لأساقفة دوناتيين من أمثال: غودانتيوس أسقف تيمفاد الذي وصف بأنه رجل من حديد، حيث تمكن من منع مصادرة كنيسته مهددا بأنه سيحرقها ويحرق نفسه معها إن تقرر مصادرتها ولم تصادر بالفعل، وانطلق في توجيه رسائل جدلية قوية إلى أوغستين لم تصلنا طبعا• وكذلك كتابات بيتليانوس أسقف قِرْطا (سيرتا) الذي وصف بأنه خطيب مفوّه، ورئيس بالفعل للمذهب، الذي اشتهر بخطبه، وبرسائل الهجو التي وجهها لأوغستين، وبكتاب عن التعميد• لكن كل هذه الكتب وردت كإشارات من بعض الكاثوليك• مما يدل على أنه كانت هناك خطة منظمة قام بها أوغستين والكاثوليك قضت على هذه الكتب والمؤلفات الدوناتية التي كتبت بالفينيقية واللاتينية• ويذكرنا بهذا الموقف جريمة حرق مكتبة قرطاج الكبيرة عندما دمرت على يد الجيش الروماني سنة 146 ق•م•
وخير من لخص رسالة الدوناتية الموسوعة الفرنسية ”يونيفيرساليس”، تقول: ”لقد تحول المذهب الدوناتي إلى ثورة ضد الظلم الاجتماعي والاحتلال الأجنبي، ولاقى صدى في الأوساط التواقة لاستقلال إفريقيا• وهو يشبه المذاهب القبطية والسورية، المؤسسة على الطبيعة الواحدة للمسيح• وقد اختلف عن الكاثوليكة في عدة نقاط، أهمها اللغة، فلغة الدوناتية ليست اللاتينية• كما اختلف عنها في وقوفه مع مطالب عمال الفلاحة البربر ضد اللوتيفوندات، هذه المطالب التي انضوت تحت المظلة الدواناتية• وبالرغم من أن هذا المذهب محافظ متشدد عقائديا، إلا أنه يصنف كمذهب تقدمي اجتماعيا، حيث يرفض استعمال المسيحية من طرف الإمبراطورية الرومانية التي تتناقض أعمالها مع طموحات الفقراء”• (17)•
إن المؤرخين الأوروبيين يؤمنون بأن أوغستين هو قديس الاستعمار الروماني ومن بعده الفرنسي• يقول بوجولا: POUJOULA الصديق الحميم للماريشال بوجو قائد جيش الاحتلال الفرنسي للجزائر، في تصريح له أمامه، وهو يزور الجزائر سنة 1844 م: ”تحية يا كنيسة إفريقيا الحديثة، ابنة سيبريان وأوغسطين، لقد استُخرجتِ من القبور بواسطة عبقرية وإيمان بلدي، إنني أعتز شامخ الأنف لأنني أراك بُعثت من جديد تحت علم بلدي•• إن حربنا بإفريقيا هي امتداد للصليبية”• ويذكر شارل أندري جوليان أن البابا أرسل رسالة تأييد لاحتلال الجزائر قال فيها: ”ضرورة افتكاك الأرض التي شرفها القديس أوغستين من البرابرة”• كما أعطى الكاردينال لافيجري اسم أم أوغستين القديسة مونيكا ـ سان مونيك لقرية من القريتين اللتين بناهما في الشلف لإيواء اليتامى الجزائريين لمجاعة 1868 .
مصير الدوناتية
وسقط الوندال وعاد البيزنطيون، وتعاملوا مع المذهب الدوناتي بالمنع• وبعد قرن جاء العرب العدنانيون المسلمون للمغرب، وحدث الفتح الإسلامي• هل استمر الدوناتيون طوال هذا القرن يمارسون مذهبهم في السر فجاء الإسلام فاعتنقوه؟ أم أن المسلمين الفاتحين وجدوا المذهب الكاثوليكي بالمغرب معزولا بين المحتلين البيزنطيين، منبوذا من المغاربة لأنه يمثل الاستعمار، فتلاشى بمجرد أن اختفت السلطة التي كانت تحميه؟ ولعل هذا هو الذي يفسر لماذا اختفت المسيحية من المغرب العربي• لقد استمر المسيحيون بالمشرق العربي، لأنهم كانوا يمارسون مذاهب مشرقية شبيهة بالمذهب الدواناتي بالمغرب نابعة من بيئتهم وليست ممثلة للمستعمر• ويذهب بعض المؤرخين الأوروبيين إلى أن المذهب الدوناتي كان السبب في جعل الإسلام يلغي المسيحية بالمغرب• يقول المؤرخ الديني البريطاني فريند W.H.C.Frend في كتابه الكنيسة الدواناتية: ”إن الدوناتية كانت المقدمة لإلغاء الإسلام للمسيحية وللثقافة الرومانية: إنه التفقير التدريجي للمجتمع الفلاحي الذي ولّد اليأس والثورة، والكنيسة الدوناتية لم تكتف بدعمها وإنما هيجتها: يكفي ملاحظة دعمها لثورة فيرموس، ولعلاقاتها مع الدائريين، لمعرفة أن الدواناتية كانت تمثل العقيدة في شكلها المتطرف” (18)•
ومعنى هذا أن الدوناتية لعبت دورا في إبقاء الشعب الأمازيغي بالمغرب بعيدا عن الرومان، ثائرا على وجودهم، ومرتبطا بالثقافة المشرقية العروبية عن طريق استعمال اللغة الكنعانية ـ الفينيقية، وعندما جاء الفاتحون العرب بلغتهم العدنانية وبإسلامهم المبني على التوحيد وجد فيهما المغاربة الأمازيغ ما يتناسب مع معتقداتهم وثقافتهم العروبية• وهذا هو الذي يفسر لماذا لم تبق المسيحية بالمغرب العربي
مقال للدكتور عثمان سعدي التبسي
ومن غير شك فإن تنسيقا ما كان قائما بين أريوس ودونا الأمازيغيين، هذا بالجزائر الحالية وذاك بليبيا الحالية تحت الاستعمار الروماني• تتفق الأريانية، أي الأريوسية، مع الدوناتية في الطبيعة الواحدة للمسيح، أي في نكران صفة الألوهية عن المسيح، ويرتبط المذهبان بمذهب الأنطاكية مذهب بولس الأنطاكي السميساطي الموحدة أيضا• وفي أثناء بعث الإسلام في القرن السابع الميلادي، كانت الأريوسية منتشرة بالشام وبشمال الجزيرة العربية، وفي مراسلة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهرقل، إمبراطور الرومان، ذكر سيد المرسلين الأريوسية• فالوندال الذين يدينون بمذاهب الأريانية، أي الأريوسية، وجدوا في مذهب الدوناتية نفس العقيدة الموحدة فتعاونوا معهم مذهبيا وحرروهم سياسيا من الاستعمار الروماني اللوتيفوندي•
وبالفعل فقد تحققت أماني الشعب الأمازيغي عندما استطاع في بداية العهد الوندالي استرداد أراضيه المسروقة وتصفية اللوتيفوندات، كما استطاع الدوناتيون ممارسة طقوسهم بحرية، واسترداد كنائسهم• يقول المؤرخ المصري السيد عبد العزيز السالم: ”انضم الدوناتيون باعتبارهم خصوما للكاثوليك إلى جانب الوندال، إذ اعتبروهم مخلّصين لهم من نير الرومان، ووجدوا في دخولهم البلاد سيفا مسلطا على خصومهم الذين أذاقوهم من صنوف الاضطهاد ألوانا ـ مثلما ورد في كتاب Cambridge medievial history ـ• كذلك لم يتردد البربر، الذين طالما عانوا من استبداد الرومان بهم وتعسفهم، في الانضمام إلى جانب الغزاة منذ اللحظة الأولى” (16)•
كتب ومؤلفات الدوناتية
كان الأب دونا هو الكاتب الكبير، الذي ألف كتابا مهما عنوانه ”الروح القدسية”، لكنه لم يصلنا بسبب حرق الكاثوليك تحت قيادة أوغستين لسائر الكتب الدوناتية، وقد ورد ذكر هذا الكتاب من بعض رجال الدين الكاثوليك• كما ورد من هؤلاء ذكر كتب لأساقفة دوناتيين من أمثال: غودانتيوس أسقف تيمفاد الذي وصف بأنه رجل من حديد، حيث تمكن من منع مصادرة كنيسته مهددا بأنه سيحرقها ويحرق نفسه معها إن تقرر مصادرتها ولم تصادر بالفعل، وانطلق في توجيه رسائل جدلية قوية إلى أوغستين لم تصلنا طبعا• وكذلك كتابات بيتليانوس أسقف قِرْطا (سيرتا) الذي وصف بأنه خطيب مفوّه، ورئيس بالفعل للمذهب، الذي اشتهر بخطبه، وبرسائل الهجو التي وجهها لأوغستين، وبكتاب عن التعميد• لكن كل هذه الكتب وردت كإشارات من بعض الكاثوليك• مما يدل على أنه كانت هناك خطة منظمة قام بها أوغستين والكاثوليك قضت على هذه الكتب والمؤلفات الدوناتية التي كتبت بالفينيقية واللاتينية• ويذكرنا بهذا الموقف جريمة حرق مكتبة قرطاج الكبيرة عندما دمرت على يد الجيش الروماني سنة 146 ق•م•
وخير من لخص رسالة الدوناتية الموسوعة الفرنسية ”يونيفيرساليس”، تقول: ”لقد تحول المذهب الدوناتي إلى ثورة ضد الظلم الاجتماعي والاحتلال الأجنبي، ولاقى صدى في الأوساط التواقة لاستقلال إفريقيا• وهو يشبه المذاهب القبطية والسورية، المؤسسة على الطبيعة الواحدة للمسيح• وقد اختلف عن الكاثوليكة في عدة نقاط، أهمها اللغة، فلغة الدوناتية ليست اللاتينية• كما اختلف عنها في وقوفه مع مطالب عمال الفلاحة البربر ضد اللوتيفوندات، هذه المطالب التي انضوت تحت المظلة الدواناتية• وبالرغم من أن هذا المذهب محافظ متشدد عقائديا، إلا أنه يصنف كمذهب تقدمي اجتماعيا، حيث يرفض استعمال المسيحية من طرف الإمبراطورية الرومانية التي تتناقض أعمالها مع طموحات الفقراء”• (17)•
إن المؤرخين الأوروبيين يؤمنون بأن أوغستين هو قديس الاستعمار الروماني ومن بعده الفرنسي• يقول بوجولا: POUJOULA الصديق الحميم للماريشال بوجو قائد جيش الاحتلال الفرنسي للجزائر، في تصريح له أمامه، وهو يزور الجزائر سنة 1844 م: ”تحية يا كنيسة إفريقيا الحديثة، ابنة سيبريان وأوغسطين، لقد استُخرجتِ من القبور بواسطة عبقرية وإيمان بلدي، إنني أعتز شامخ الأنف لأنني أراك بُعثت من جديد تحت علم بلدي•• إن حربنا بإفريقيا هي امتداد للصليبية”• ويذكر شارل أندري جوليان أن البابا أرسل رسالة تأييد لاحتلال الجزائر قال فيها: ”ضرورة افتكاك الأرض التي شرفها القديس أوغستين من البرابرة”• كما أعطى الكاردينال لافيجري اسم أم أوغستين القديسة مونيكا ـ سان مونيك لقرية من القريتين اللتين بناهما في الشلف لإيواء اليتامى الجزائريين لمجاعة 1868 .
مصير الدوناتية
وسقط الوندال وعاد البيزنطيون، وتعاملوا مع المذهب الدوناتي بالمنع• وبعد قرن جاء العرب العدنانيون المسلمون للمغرب، وحدث الفتح الإسلامي• هل استمر الدوناتيون طوال هذا القرن يمارسون مذهبهم في السر فجاء الإسلام فاعتنقوه؟ أم أن المسلمين الفاتحين وجدوا المذهب الكاثوليكي بالمغرب معزولا بين المحتلين البيزنطيين، منبوذا من المغاربة لأنه يمثل الاستعمار، فتلاشى بمجرد أن اختفت السلطة التي كانت تحميه؟ ولعل هذا هو الذي يفسر لماذا اختفت المسيحية من المغرب العربي• لقد استمر المسيحيون بالمشرق العربي، لأنهم كانوا يمارسون مذاهب مشرقية شبيهة بالمذهب الدواناتي بالمغرب نابعة من بيئتهم وليست ممثلة للمستعمر• ويذهب بعض المؤرخين الأوروبيين إلى أن المذهب الدوناتي كان السبب في جعل الإسلام يلغي المسيحية بالمغرب• يقول المؤرخ الديني البريطاني فريند W.H.C.Frend في كتابه الكنيسة الدواناتية: ”إن الدوناتية كانت المقدمة لإلغاء الإسلام للمسيحية وللثقافة الرومانية: إنه التفقير التدريجي للمجتمع الفلاحي الذي ولّد اليأس والثورة، والكنيسة الدوناتية لم تكتف بدعمها وإنما هيجتها: يكفي ملاحظة دعمها لثورة فيرموس، ولعلاقاتها مع الدائريين، لمعرفة أن الدواناتية كانت تمثل العقيدة في شكلها المتطرف” (18)•
ومعنى هذا أن الدوناتية لعبت دورا في إبقاء الشعب الأمازيغي بالمغرب بعيدا عن الرومان، ثائرا على وجودهم، ومرتبطا بالثقافة المشرقية العروبية عن طريق استعمال اللغة الكنعانية ـ الفينيقية، وعندما جاء الفاتحون العرب بلغتهم العدنانية وبإسلامهم المبني على التوحيد وجد فيهما المغاربة الأمازيغ ما يتناسب مع معتقداتهم وثقافتهم العروبية• وهذا هو الذي يفسر لماذا لم تبق المسيحية بالمغرب العربي
مقال للدكتور عثمان سعدي التبسي
fouad-
Localisation : algerie
Nombre de messages : 14
Date d'inscription : 17/10/2014
Page 1 sur 1
Permission de ce forum:
Vous ne pouvez pas répondre aux sujets dans ce forum
|
|
Ven 12 Avr 2024 - 10:24 par el hadi
» AIDE AU FORUM
Ven 5 Mai 2023 - 20:21 par admin
» Hamidat Hadj Abdelkrim nous a quitté
Ven 28 Avr 2023 - 16:05 par nouar
» Achat de package
Ven 28 Avr 2023 - 15:48 par admin
» Présentation Melvina petite fille de Maâmar Benyahia
Lun 24 Avr 2023 - 21:32 par nouar
» Ramadhan Karim
Jeu 13 Avr 2023 - 16:19 par nouar
» NOTRE BIENAIME MANCER AHCEN NOUS A QUITTE!!
Sam 11 Fév 2023 - 15:31 par aek33
» Saidabiida en deuil.
Sam 11 Fév 2023 - 15:28 par aek33
» Saida,le Mouloudia et la D1
Ven 13 Jan 2023 - 21:35 par adila
» Dormir près de son téléphone portable : bon ou mauvais ?
Jeu 15 Déc 2022 - 15:54 par rosejlever
» LE TEMPS QUI PLEURE....
Sam 29 Oct 2022 - 2:25 par baghdadi laaredj
» BONNE FETE DE L AID !!
Jeu 5 Mai 2022 - 19:06 par bechamede
» Donnez un titre...
Dim 13 Mar 2022 - 13:53 par mancer ahsene
» Laâredj et Hocine...
Sam 12 Mar 2022 - 10:20 par mancer ahsene
» Hasard et leçons...
Jeu 24 Fév 2022 - 12:01 par mancer ahsene